تمتلئ جمهورية مصر العربية بالآثار المختلفة إلا أن عيون موسى لها اهتمام خاص من المصريين والأجانب وذلك لأسباب عديدة نسردها لكم في السطوري التالية.
ما هي «عيون موسى»
«عيون موسى» هي ينابيع مائية عذبة تقع في منطقة رأس سدر بجنوب سيناء، وتقع واحة عيون موسى على بعد 35 كيلومتراً من مدينة السويس و60 كم من نفق الشهيد أحمد حمدي الواصل بين محافظة السويس وشبه جزيرة سيناء، وتتوسط مدينتي السويس ورأس سدر وتقع على بعد 165 كيلومتراً من القاهرة، وتنتمي إدارياً إلى محافظة السويس.
تعتبر «عيون موسى» حالياً من المناطق السياحية ذات الطابع المميز يزورها السائحون في طريقهم إلى شرم الشيخ، حيث تتسم بجمال مناخها ومناظرها الخلابة المطلة مباشرة على ساحل خليج السويس وتضم أشجار النخيل والحشائش الكثيفة بالإضافة إلى عيون المياه العذبة وجميعها صالحة للشرب إذا ما تم تطهيرها ومعظم سكانها من أبناء جنوب سيناء.
قصة «عيون موسى»
آيتان في القرآن الكريم.. الأولى في سورة “البقرة” والثانية في سورة “الأعراف” تحكيان قصة الاثنتي عشرة عيناً، التي فجرها الله لنبيه موسى ليسقي منها قومه.
من بين 12 عيناً تفجرت لنبي الله موسى، في رحلة هروبه مع بني قومه من بطش فرعون، في سيناء، لم يبق منها سوى خمس، بعد أن عبثت يد الإهمال ببقية العيون، فتوقف انبعاث المياه منها، ورغم ذلك لم تتوقف الزيارات إلى تلك المنطقة، طلباً للتنزه تارة، والشفاء أخرى.
خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان – مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري – أكد لـ”العربية.نت” أن موقع عيون موسى يقع بطريق سيناء عند منطقة تسمى بالفعل عيون موسى، ويبعد عن نفق الشهيد أحمد حمدي بـ35 كيلومتراً، حيث ارتحل قوم موسى إلى منطقة بثر مر ثم إلى إيليم، وكانت هناك 12 عين ماء و70 نخلة، فنزلوا عند الماء في هذه المنطقة.
تحدث خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان عن منطقة «عيون موسى» قائلاً:”يقع بئر “مر” شمال شرقي عيون موسى بحوالي11 كيلومتراً، وماؤها غير صالح للشرب وتقع جنوب سفح جبل بهذا الاسم، أما “إيليم” فموقعها منطقة عيون موسى الحالية، ويتضح من هذا أن هناك 12 عين ماء تفجرت لبني إسرائيل حين استبد بهم العطش، بعد قطع مسافة كبيرة من موقع عبورهم عند رأس خليج السويس حتى موقع العيون الحالي، وذلك بعد نفاد كل المياه المحمولة من بداية رحلتهم.
ويقول إن العيون كانت بعدد أسباط بني إسرائيل، وكل سبط ينتمي لابن من أبناء نبي الله يعقوب، وهم إخوة يوسف الصديق وعددهم 12، وكانت المياه متفرقة حتى لا يتكالبوا على المياه دفعة واحدة.
وجاء في سورة “البقرة”: (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ).
وجاء في سورة “الأعراف”: (وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
أشار الدكتور ريحان إلى أن الدراسات الحديثة التي قام بها فيليب مايرسون، الخبير العالمي، أثبتت أن المنطقة من السويس حتى عيون موسى هي منطقة قاحلة جداً، وجافة، مما يؤكد أن بني إسرائيل استبد بهم العطش بعد مرورهم كل هذه المنطقة حتى تفجرت هذه العيون. والمنطقة الآن بها 4 عيون واضحة، منها عينان بهما مياه ولكن غير صالحة للشرب، وتحتاج إلى تنظيف ومعالجة وقطر أحد هذه العيون 4 أمتار.
قال خبير الآثار:”بقية العيون اختفت نتيجة تراكم الرمال وتحتاج إلى مسح جيولوجي للمنطقة للوصول لمستوى الصخر أسفل الرمال، حيث توجد بقية العيون والذي يدل على وجودها هبوط في بعض المناطق لأنها كانت متفرقة”.
ما هي الأمراض التي تعالجها «عيون موسى»
تسعى حالياً الحكومة المصرية إلى منح المنطقة الاهتمام الذي تستحقه بترميم العيون المردومة لإعادة انبعاث المياه منها مرة ثانية، في محاولة لوضع المنطقة على قائمة المزارات السياحية المهمة، وليست مجرد نقطة عبور من وإلى منتجع شرم الشيخ.
كما يقصدها الكثيرون طلباً للشفاء ومن أكثر الأمراض التي تداويها تلك العيون الكبريتية التهاب العظام المفصلي المزمن والتهاب العظام الروماتزمي والالتهاب الليفي والعضلي والنقرس المزمن والشلل بأنواعه والروماتويد والالتهاب العصبي واسترخاء العضلات والأمراض العصبية الوظيفية وأمراض الجهاز التنفسي مثل الجيوب الأنفية والربو الشعبي والنزلات الشعبية.
وينصح الأطباء باللجوء إلى تلك المياه للذين يعانون الأمراض الجلدية مثل الجرب والصدفية والأكزيما المزمنة وحب الشباب وغيرها بالنزول في المياه الكبريتية والاستشفاء بالطمي الكبريتي المترسب حول الينابيع لعلاج هذه الأمراض.
لماذا سميت «عيون موسى» بهذا الاسم
سميت عيون موسى بهذا الاسم نسبة لأن الواحة التي تفجرت منها 12 عيناً للمياه الصالحة للشرب لنبي الله موسى، وحالياً لم يتبق من الاثنتي عشرة عيناً إلا خمس فقط حيث طمرت بقية العيون لعدم الاهتمام بها وصيانتها فأدى ذلك أن سكنت الطحالب وأشجار البوص بقية الآبار، وتوجد بجانب كل عين لافتة باسم العين وعمقها ومن أسماء العيون (بئر الزهر والبئر البحري والبئر الغربي وبئر الشايب وبئر الشيخ وبئر الساقية وبئر البقباقة).
عدد العيون التي تخرج منها الماء حالياً
لا يخرج الماء حالياً إلا من عين واحدة فقط هي بئر الشيخ، ويبلغ متوسط عمق العيون نحو 40 قدماً، ويجري الآن مشروع لتطوير وتجميل هذه العيون حيث ستزرع المنطقة المحيطة بها وترمم العيون المتبقية ويبنى معرض بجانبها يحوي الآثار التي عثر عليها في هذا المكان.
تعد عيون موسى مزاراً دينياً مهماً حيث ذكرت في القرآن الكريم، حيث تفجرت بالمياه العذبة، بعدما ضرب كليم الله موسى بعصاه الحجر، استجابة للأمر الإلهي، ليشرب بنو «إسرائيل» من مائها العذب، بعد رحلة مطاردة من فرعون مصر لأتباع الدين الجديد، وذلك أثناء خروجه وشعبه من مصر إلى الأراضي المقدسة عبر سيناء.
وهناك أهمية عسكرية تلك المنطقة ظهرت جلية خلال حرب 1973، حيث كانت تمثل نقطة حصينة للعدو الصهيوني خلال احتلال سيناء، وتقع النقطة الحصينة لعيون موسى على مقربه من منطقة عيون موسى، وسيطر العدو منها على الجزء الشمالي من خليج السويس.